في المقدمة أشير إلى أن التكوين الانثروبولوجي لمدينة الناصرية يكاد يجمع بين نقيضين ، هما الحياة البدائية ، والحياة الحضرية ، والأدهى ، والاعجب هو تغلغل البدوية في الطابع الحضري ، وتغلغل البدائية عند أهل المدينة ، ثم في الوقت نفسه تغلغل التحضر ، والتقدم عند سكان القرى .
هذه مقدمة مفعمة بالعجائبي !
ثقافيا واجتماعيا يتنوع المقيمون في هذه المدينة ، ويتأدلجون بأدلجات شتى.
ففيها الاسلاميون ، والشيوعيون ، والمومنين بالادب معادلا للحياة ، ومنها البعثيون الكبار ، بل منها المؤسسون فؤاد الركابي مثالا . وفيها المتحزبون بوعي وبلا وعي، وفيها يتكاثر الملحدون هذه الايام ، يهيمن عليها زعماء قبليون لهم حضور فاعل سياسيا ، واجتماعيا ، وفيها يتنامى التشرينيون في ضوء مسبار الترهل السياسي الذي فعلته سلطة القبح بعد ٢٠٠٣ ، وقد فرض السياق السياسي ، وزوبعة الديمقراطية ما يسمى بالناشط المدني ، الذي لا دستور معرفي يسير في ضوئه، فضلا عن بعض الحركات النسوية الخفيفة التي لم تفلح في برنامجها ، وقد وجد وجودا شفيفا ذلك التيار السلفي الذي يؤمن بما يعيه ابن تيمية ربما ، وربما غيره مثل محمد عبد الوهاب .
خليط معرفي ، واجتماعي ، وسياسي ، وديني ، وثائر ، ومهادن لا صلة له بالواقع ، واكاديمي ، وجهلاء ، وشعراء شعبيون ، ومهاويل ،ووو .
في ضوء هذه المعطيات عقد مهرجان اور السينمائي للافلام القصيرة قبل يومين ، حضر فيه كبار النقاد ، وكبار الممثليين ، واحياه جمهور غفير ، في ظني قد يحمل هذا التمسرح قصدا ، ورسالة مفادها ان الناصرية عظيمة ، ومدينة قبح لا جمال ، ومدينة مسرح لا حرائق.
ولكن هل يكفي هذا المهرجان لان يصنف الناصرية مدينة دراما ، ومسرح ، وفن ، وترف ، وغناء ، وفضاء ادبي ؟
تتصارع الخطابات الاعلامية على الناصرية ، وتصديرها بهوية دون اخرى ، ولكنها لا تفلح حتما ، فهي عصية على التصنيف ؛ إذ تحوي اكثر من فريقين ، واكثر من هويتين .
هاشتاغ:
مقالات