المدينة الفاضلة.. تتلاشى, مقال بقلم رئيس التحرير المدينة الفاضلة.. تتلاشى, مقال بقلم رئيس التحرير -->

المدينة الفاضلة.. تتلاشى, مقال بقلم رئيس التحرير

 المدينة الفاضلة.. تتلاشى, مقال بقلم رئيس التحرير - عراق جرافيك

على مدى اسبوعين ارتدت المدينة ثوب الفضيلة التي تحدث عنها افلاطون في أحلامه الفلسفية, المدينة إذ أصبح الجميع أخوة يحب كل منهم الآخر ويحافظ عليه، ويعيشون جميعًا في انسجام تام حيث لا نزاعات عشائرية, ولا قطّاع طريق, ولا عابر سبيل يبحث عن مأوى.
فتحت المدينة الفاضلة أبوابها للزائرين, و العابرين, منحتهم من خيراتها دون حساب, آثر أبناؤها الغرباء في مسكنهم ومشربهم ومأكلهم, وأمن الغرباء غربة الطريق.
تسابق الجميع لبذل الغالي والرخيص, وخرج الأطفال والنساء يرفلون بالأمان, وسخّرت البلاد امكانياتها في خدمة الشعب, وتسابق المسؤولون على أن يكونوا خدما للمواطنين.
رخص الدينار, وتلاشت الأنا, وتساوى الجميع تحت ردائهم الأسود, واختلطت الموائد بما لذ وطاب, وتراصفت الخيام ترسم ظلا لأفعى زاحفة من أقصى الجنوب نحو كربلاء.
كما طوي المكان هناك ليسع الملايين القادمة من كل حدب وصوب, فقد طوي الزمان هنا لتنقضي الأيام الفاضلة, ويحل بدلا عنها معترك الحياة اليومي.
فوهات البنادق تتربص من جديد, المخدرات تبث سمومها, المسؤولون يتسابقون نحو المقاولات, الأقلام تتلاعب بفواتير الصرف, أسعار المواد الغذائية على صفيح ساخن, لعنة الكهرباء تجدد العهد, النفايات تزكم الأنفاس, سواق الطرق الخارجية يستهينون بالأرواح, المعقبون والمرتشون والمبتزون والمتاجرون في معاملات الفقراء ينشطون من جديد, الصفحات الوهمية تنشط في شبكاتها العنكبوتية تثير الفضائح وتخلق الفتن.
الضوء يخفت.. يسمع صرير الأبواب.. تتلاشى المدينة الفاضلة.
.. كتب: عباس عجاج

إرسال تعليق

أحدث أقدم

تابعنا على جوجل نيوز

هلا ومرحبا بكم : وكالة خبر حمل التطبيق الان