قراءة نقدية في نصّ الكاتب سامر الأسمر: (هوّية) للناقد د. زهير سعود قراءة نقدية في نصّ الكاتب سامر الأسمر: (هوّية) للناقد د. زهير سعود -->

قراءة نقدية في نصّ الكاتب سامر الأسمر: (هوّية) للناقد د. زهير سعود

قراءة نقدية في نصّ الكاتب سامر الأسمر: (هوّية) للناقد د. زهير سعود - عراق جرافيك
ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، و‏‏‏‏سيلفي‏، و‏لقطة قريبة‏‏ و‏في الهواء الطلق‏‏‏‏
وكالة خبر - أدب -

قراءة نقدية في نصّ الكاتب سامر الأسمر: (هوّية)
الناقد : د. زهير سعود - سوريا

(تقدّم إليَّ عندما أردت العبور، من خلف القناع طلب بطاقتي الشخصيّة، وتركني عندما أمعن النظر بها. من ذلك اليوم وأنا أحمل شهادة وفاتي أينما ذهبت).

 مقدمة القراءة: الأدب صيغ فنيّة رافقت الشعوب في حركة تاريخها، وعكس الواقع بصيغٍ جماليةٍ تنوّعت لها أساليب السرد كما تعددت في النوع الواحد، بحيث دخل النقد الأدبي ملتزماً آليات البناء والصياغة، ليسهم في الشرح والايضاح والتصويب وتحسين النتاج.. ولمّا كانت سمة العصر الراهن السرعة والواقعية والحذر وتراكم المعرفة وتنوّعها، فقد أدرج فنّ القصة القصيرة جدّاً (الققج) كأسلوب تعبيري مناسب، هو أحد أوجه النشاط الأدبي الحداثي، وطبيعي أن يتعرّض هذا الفنّ في انتشارهِ للاعتداءات والرفض. التصنيف: نصّ الكاتب سامر سرد قصصي ملّكه خيالهُ أقساماً ثلاثةً هي العنوان والجسد النصّي والخاتمة، وبناهُ على الاختصار والتكثيف والخاتمة المدهشة التي حملت مفارقة العيش المشابه للموت، ما جعل الخاتمة (قفلةٌ) واسمةٌ للجنس الأدبي (ققج). غاية النصّ وفكرتهُ: هي المكوّن الأساس في بنية السرود القصصية، بغضّ النظر عن أجناسها وأساليبها اللغوية، والكاتب بنى عليها حبكته السردية كي يقول: لا عيش خارج الانتماء العميق إلى الوطن فهو موطئ النشأة والانقطاع عنه غياب سرمدي لحضور الذات الانسانية، يحوّل الإنسان لمجرد هيكل يزحف على بطنه لمفارقٍ ذاته الوجودية التي أنحلها الكاتب موتها المعنوي. تلك الغاية لا يقف عليها القاصّ بتأطيرٍ حكمي أو تقريري أو مجرد انسيال وجداني بمحسّناتٍ بديعية تحاكي الخواطر، بل عبّر عنها بتشابك أحداث جزئية فسّرت العبور وسبّبته وأكرهت عليه العابر، وخلف (القناع) الكثير مما أراده الكاتب في سردهِ القصصي، ليبرز الميتاسرد والميتالغة إلمام القاصّ ومعرفته العميقة بأسباب ونتائج حركات الهجرة التي تتبناها جماعات في زمننا الحاضر والقديم دون قراءة موضوعية لآثارها المترتبة على الوطن والمواطن والمواطنة.. وقد قال الشاعر السوري خير الدين الزركلي المتوفي عام/1976: العين بعد فراقها الوطنا/ لا ساكناً ألفت ولا سكنا يا موطناً عبث الزمان به/ من ذا الذي أغرى بك الزمنا إن الغريب معذّب أبداً/ إن حلّ لم ينعم وإن ظعنا. قراءة البنية التشكيلية للنصّ: - العنوان: لفظة نكرة مفردة، انتمت لأصول أسلبة الققج، حيث تتنوع لها المعاني الجزئية للفظ، فالهوية قد تكون بطاقة شخصية أو هوية مجموعة من الناس، والاصطلاح مستخدم لوصف مفهوم الشخص وتعبيره عن فرديته أو علاقته بالجماعات ضمن مفاهيم الهوية الوطنية أو الثقافية أو الرياضية أو غيرها.. واستخدم في علم الاجتماع والنفس، وهو مشتق من كلمة "هو" في الأصول العربية للمصطلح. إذاً الهوية مجمل السمات التي تميّز الشخص عن غيرهِ أو جماعة عن غيرها، والهوية الشخصية تعرّف شخصاً بشكله واسمه وصفاته وجنسيته وعمره وتاريخ ميلاده، أما الهوية الجمعية فتدلّ على الميزات المشتركة الهامّة لجماعات امتازت عن سواها وتشابهت بصفاتٍ جعلتهم مجموعة ربما اختلف عناصرها بصفاتٍ غيرها لكن لا تؤثر في كونهم مجموعة خاصّة، والسمات التي من الممكن بلورة هوية جمعية على أساسها كثيرة ومن أهمها اشتراك الجماعات البشرية في الأرض واللغة والتاريخ والحضارة والثقافة والطموح وغيرها.. وفي هذا المندرج يحضر ذهن الكاتب لإثبات ولائه لهذه الهوية، في مواجهة دعوات جديدة ممتدة في عمق العلاقات الرأسمالية التي أدخلت في تفسيرات النظرية الحداثية عن مفهوم الهوية ما يدعو إلى إلغاء الهوية الوطنية والقومية. السرد القصصي (جسد النصّ): أنشأ الكاتب حدث قصّه الرئيسي على حركة هجرة من مكانٍ لآخر (أوطان؟) أرغم عليها بطله المتحدث بضمير المتكلم بوعي أو دونه وشابك الحدث بأحداثٍ جزئية أضيفت من إشاراتٍ واضحة عن وحي القناع والآثار التي أنتجها الحدث الأساسي في تأثيرهِ على الهوية الشخصية وفجيعة الانتقال..فالقناع غطاء يستر الوجه ويخفي حقيقته، وقد قيل كشف القناع عن الأمر أي أبرزه وأظهر خفاياه، كما قيل ليس من قناعٍ يطول لبسه إشارة لخداع المظهر والزيف. وماسبق يكشف توظيف لفظة القناع في السرد التي أبانت الخديعة... نجح الكاتب في تمكين حبكته السردية لنقل الحدث عبر تراكيب جملية قصيرة اعتمدت حركية الأفعال في إنتاج التوتر (تقدّم، أردت، طلب، تركني، أمعن، أحمل، ذهبت) والذروة كانت في عبارة (تركني عندماأمعن النظر) ليأتي الانفراج والتفريغ بالكشف عن نتيجة صادمة محزنة ومؤسفة أكملت السرد وأطلقت فسحة التأويل بالأثر الهادم لحركة الهجرة... تعددت شخوص القصّ بين صاحب الهجرة الذي تقمّصه الكاتب بضمير المتكلم محققاً نجاح أسلبة الضمير، وصاحب القناع الذي حمل تأويلات متعددة بالاختباء.. قمعية وتبريرية وترغيبية لحركة النزوح تتنوع فيها الإشارة إلى شخص أو جهة وجهات معنية بحركة التهجير القسري أو الترغيب به
الفضاء الزمكاني منطلق متكرر فسيح لم ينتجه الأسلوب السردي في بيئة محددة وإن رافق أحداثاً تجري على الأرض الآن، لكنه متماهي مع الكشف عن نمطية تتكرر باستمرار تبعاً لمقتضى التبديل القسري للهوية والارتباط، والتي تجعل الإنسان أشبه بالحيوان الذي فرض عليه إقامات تعزله عن فضائه،ِ لتوظيفه في سياقات مقصودة تعزله عن فعله المناط به كحضور إنساني- حياتي. وجهة النظر حاضرة في الرفض المخبوء تحت عباءة النصّ لما يحاك للوجود الإنساني البريء، ووحدة المبنى والمعنى أبداها الأسلوب الحكائي للسارد بين انفراج التيمة ووضوحها بالايحاء مستظللةً تراكيب جملية مطورة للحدث الذي ابتدأ جزئياً ولحقته الفروع بتناغم إيقاعي، حمل صوراً مؤثرة أنتجت المتعة والاستعداد لقبول النتيجة والتفاعل معها، فقبول رسالة المرسل (الكاتب) الذي حقق مبتغاه في التأثير الشعوري الوجداني العميق لدى المرسل إليه (المتلقي) من خلال دوال الألفاظ ووحدات السرد. الخاتمة: حقق السرد جزء القصّ الهام في تجميع الأحداث وإنهائها عبر خاتمة مدهشة صادمة حوت مفارقة الموت بالحياة، ليجعل من تلك الخاتمة قفلة واسمة للجنس الأدبي (الققج).. اكتملت معها شروط البناء اللغوي لهذا الأسلوب الحداثي. لقد بنى الكاتب صوره التعبيرية في أسلوب حوى القصصية بتكثيف وتركيز كما حقق اتحاد المبنى والمعنى وأنتج المفارقة التي جعلت لنصّه مكانته في أساليب صياغة (الققج).

إرسال تعليق

أحدث أقدم

تابعنا على جوجل نيوز

هلا ومرحبا بكم : وكالة خبر حمل التطبيق الان